بسم الله الرحمن الرحيم
عقيدة أهل السنة و الجماعة
قال الإمام شيخ الإسلام قطب الدعوة و الإرشاد الحبيب عبدالله بن علوي الحداد الحضرمي الشافعي - رحمه الله :عقيدة أهل السنة و الجماعة
هذه عقيدة وجيزة جامعة نافعة إن شاء الله تعالى على سبيل الفرقة الناجية و هم أهل السنة و الجماعة و السواد الأعظم من المسلمين .
الحمد لله وحده ، و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم.
وبعد : فإنا نعلم ونقر ونعتقد، ونؤمن ونوقن، ونشهد: أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . إله عظيم ، ملك كبير ، لارب سواه ، و لامعبود إلاإياه . قديم أزلي ، دائم أبدي ، لاابتداء لأوليته ، ولا انتهاء لآخريته . أحد صمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد . لاشبيه له ولا نظير وليس كمثله شئ وهو السميع البصير.
وأنه تعالى مقدس عن الزمان والمكان ، وعن مشابهة الأكوان ، ولاتحيط به الجهات، ولاتعتريه الحادثات . مستو على عرشه على الوجه الذي قاله ، وبالمعنى الذي أراده ، إستواءً يليق بعز جلاله ، وعلو مجده وكبريائه.
وأنه تعالى قريب من كل موجود ، وهو أقرب للإنسان من حبل الوريد ، وعلى كل شئ رقيب وشهيد. حي قيوم ، لاتأخذه سنة ولانوم . بديع السموات والأرض ، وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون . الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل.
وأنه تعالى على كل شئ قدير ، وبكل شئ عليم ، وقد أحاط بكل شئ علما ، و أحصى كل شئ عددا . وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولافي السماء . يعلم مايلج في الأرض وما يخرج منها ، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ، وهو معكم أينما كنتم ، والله بما تعملون بصير . ويعلم السر وأخفى، ويعلم ما في البر والبحر ، و ما تسقط من ورقة إلايعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين .
وأنه تعالى مريد للكائنات ، مدبر للحادثات . وأنه لايكون كائن من خير أو شر ، أو نفع أوضر ، إلا بقضائه ومشيئته ، فما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن . ولو اجتمع الخلق كلهم على أن يحركوا في الوجود ذرة ، أو يسكنوها دون إرادته لعجزوا عنه.
وأنه تعالى سميع بصير ، متكلم بكلام قديم أزلي ، لايشبه كلام الخلق .
وأن القرآن العظيم كلامه القديم ، وكتابه المنزل على نبيه و رسوله محمد صلى الله عليه و سلم .
وأنه سبحانه الخالق لكل شئ ، والرازق له والمدبر والمتصرف فيه كيف يشاء ، ليس له في ملكه منازع ولا مدافع ، يعطي من يشاء ، ويمنع من يشاء ، ويغفر لمن يشاء ، ويعذب من يشاء ، لايسأل عما يفعل ، وهم يسألون .
وأنه عالى حكيم في فعله ، عادل في قضائه ، لايتصور منه ظلم ولاجور ، ولا يجب عليه لأحد حق . ولو أنه سبحانه أهلك جميع خلقه في طرفة عين لم يكن بذلك جائراً عليهم ولا ظالماً لهم ، فإنهم ملكه وعبيده ، وله أن يفعل في ملكه ما يشاء وما ربك بظلام للعبيد . يثيب عباده على الطاعات فضلاً وكرماً، و يعاقبهم على المعاصي حكمةً وعدلاً ، وأن طاعته واجبة على عباده بإيجابه على ألسنة أنبيائه عليهم الصلاة والسلام.
ونؤمن بكل كتاب أنزله الله ، وبكل رسول أرسله الله ، وبملائكة الله ، وبالقدر خيره وشره.
ونشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ، أرسله إلى الجن والإنس ، والعرب والعجم ، بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون . وأنه بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وكشف الغمة ، وجاهد في الله حق جهاده ، وأنه صادق أمين ، مؤيد بالبراهين الصادقة والمعجزات الخارقة . وأن الله فرض على العباد تصديقه و طاعته و اتباعه، و أنه لا يقبل إيمان عبد و إن آمن به سبحانه حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، و بجميع ما جاء به و أخبر عنه من أمور الدنيا والآخرة والبرزخ.
ومن ذلك : أن يؤمن بسؤال منكر ونكير للموتى ، عن التوحيد والدين و النبوة. وأن يؤمن بنعيم القبر لأهل الطاعة ، وبعذابه لأهل المعصية .
وأن يؤمن بالبعث بعد الموت ، وبحشر الأجساد و الأرواح إلى الله،و بالوقوف بين يدي الله، و بالحساب، و أن العباد يتفاوتون فيه إلى مسامح ومناقش ، وإلى من يدخل الجنة بغير حساب .
وأن يؤمن بالميزان الذي توزن فيه الحسنات والسيئات ، وبالصراط وهو جسر ممدود على متن جهنم وبحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يشرب منه المؤمنون قبل دخول الجنة ، وماؤه من الجنة.
وأن يؤمن بشفاعة الأنبياء ثم الصديقين والشهداء ، والعلماء والصالحين و المؤمنين . وأن الشفاعة العظمى مخصوصة بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأن يؤمن بإخراج من دخل النار من أهل التوحيد حتى لايخلد فيها من في قلبه مثقال ذرة من ايمان . وأن أهل الكفر والشرك مخلدون في النار أبد الآبدين ، لايخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون . وأن المؤمنين مخلدون في الجنة أبداً سرمداً ، لايمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين .
وأن المؤمنين يرون ربهم في الجنة بأبصارهم على ما يليق بجلاله وقدس كماله .
وأن يعتقد فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وترتيبهم ، وأنهم عدول أخيار أمناء ، لا يجوز سبهم ولا القدح في أحد منهم . وأن الخليفة الحق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبوبكر الصديق ، ثم عمر الفاروق ، ثم عثمان الشهيد ، ثم علي المرتضى رضي الله عنهم وعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أجمعين ، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم برحمتك اللهم يا أرحم الراحمين .